
بعد الغروب - رواية
سعد العبد الله الصويان
Publisher: العربية للإعلام والفنون والدراسات الإنسانية والنشر (أزهى)
Summary
وهكذا في نفس الإنسان، لا يفارقها شيطان الجبروت ولا تصفوا من شوائب القسوة حتى تطهرها الهموم والآلام، فتشفق لا على الإنسان وحده، بل إنها لتحنو على الحيوان! ورجع أخي بعد أن طبعت على جبينه قُبلة، وأتبعه بصري تحت جنح الليل المظلم حتى اختفى عني بياض جلبابه، وأحسست شيئًا من الراحة في هذا السكون، الذي لا تشوبه حركة إلا ما تسمع من خشخشة أوراق الذرة كما تتلاقى السيوف. ولست أدري مصدرًا لراحتي هذه: لعله من دمعة ذرفتها على بؤسي ويأسي وأنا في فضاء طليق لا يعكره إنسان، أو لعله راجع إلى خلائي بنفسي، وقد عودتني دائمًا أن تهدأ من غليانها إذا ما انتابها كرب ففررت بها عن الناس، وجعلت أفكر في هذا الكون الهاجع، وما يرفرف فوقه من راحة وسكينة، ثم ماذا سيكون فيه بعد ساعات حين يسترد النوم سلطانه فتدور رحى الجهاد مع الشمس، ويتزاحم الأحياء على المآرب. اتخذت حقيبة سفري مقعدًا جلست عليه بحذر، لأنها لم تكن متينة ولم تكن في هذه المحطة الجديدة كرسي يستريح عليه المسافر، وكنت متجهًا ببصري نحو الشمال مرتقبًا وصول القطار الذي سيقلني إلى القاهرة.