الزيج الصابي
يحيى بن شرف النووي
Publisher: Rufoof
Summary
إن من أشرف العلوم منزلة وأسناها مرتبة وأحسنها حلية وأعلقها بالقلوب، وألمّها بالنفوس، وأشدها تحديداً للفكر والنظر، وتذكيته للفهم ورياضة للعقل بعد العلم، بما لا يسع جهله من شرائع الدين وسنته، علم صناعة النجوم لما في ذلك من الأهمية والنفع في معرفة مدة السنين والشهور وفصول الأزمان... وزيادة النهار والليل ونقصانهما، ومواضع النيرين وكسوفهما، ومسير الكواكب في استقامتها ورجوعها، وتبدل أشكالها ومراتب أفلاكها وسائر مناسباتها، إلى ما يدرك بذلك مَنْ أنعم النظم وأدام الفكر فيه من إثبات التوحيد، ومعرفة كنه عظمة الخالق وسعة حكمته وجليل قدرته ولطيف صنعه. ويقول المؤلف محمد بن سنان الحرّاني المعروف بالبنّاتي أنه وعند إطالته النظر في هذا العلم وإدمانه الفكر فيه، وبعد وقوفه على اختلاف الكتب الموضوعة لحركات النجوم، وما تهيأ على بعض واضعيها في الخلل فيما أصّلوه فيها من الأعمال وما انيتوها عليه وما اجتمع أيضاً في حركات النجوم على طول الزمان لما قيست أرصادها إلى الأرصاد القديمة وما وُجِد في ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار من التقارب، وما تغير بتغيره من أصناف الحساب وأقدار أزمان السنين وأوقات الفصول واتصالات النيرين التي يستدل عليها بأزمان الكسوفات وأوقاتها، أجرى المؤلف في تصحيح ذلك وأحكامه على مذهب بطليموس في الكتاب العروف بالمجسطي بعد انعدام النظر وطول الفكر والرؤية، مقتفياً أثره متّبعاً ما رسمه إذ كان المجسطي قد تقصّ ذلك من وجوهه ودلّ على العلل والأسباب العارضة فيه بالبرهان الهندسي والعددي