طريق من الرمادي - التمرد الخاص للرقيب الأول كاميلو ميخيا
كامل كيلاني
Publisher: Obeikan
Summary
كيف حدث أن انتهى بي الأمر في هذا المكان؟ لقد كان هذا سؤالاً ما برح يلحّ عليَّ تكراراً إبان خدمتي في العراق خلال فصل الصيف من عام 2003. كان من شأني أن أجد نفسي راكباً في مؤخرة شاحنة تعبر الشوارع المغبّرة في الرمادي التي مزقتها الحرب، وهي مدينة سنية ثلاثية الشكل تقع إلى الغرب من مدينة بغداد. وكان يفترض بي أن أوجه كل انتباهي إلى مراقبة المقاتلين الذين جعلوا من امتداد الطريق الذي كنا نسلكه، مصيدة موت للقوات الأمريكية. بيد أنه كان من شأني أن أرى أولاداً يتراكضون أمام أبواب منازلهم من حيث كانوا يراقبون سيارتنا وهي تمر مسرعة، وكان من شأنهم تذكيري بالأولاد الذين كنت أشاهدههم سابقاً في نيكارغوا، البلد الذي ولدت فيه: إنهم فتيان حفاة أجسامهم ضامرة وتعاني من القذارة، ووجوههم لوّحتها حالة الطقس. كانوا يظهرون عند الشارة الضوئية بالعشرات، يتسابقون للحصول على فرصة لمسح الزجاج الأمامي للسيارات، أو عند محاولتهم جعل الناس يقدمون لهم أجراً لقاء حراستهم لسياراتهم خلال ذهاب أصحاب السيارات للتسوق في البقاليات. وكان من شأن ذهني أن يطرح التساؤلات عن مهمة حصر عدد المهالك التي لا تحصى وهي شبيهة بالقنابل التي تفجر إلى جانب الطريق والقناصة، وهذا ما تأكدت أن هؤلاء الأولاد كانوا ذاتهم الذين سبق أن رأيتهم. وكنت عدت بالذاكرة إلى زمن طفولتي في نيكاراغوا بعد عهد ساموزا التي كنت فيها ابن قادة سندانستيين، حيث كنت طفلاً محظوظاً من أبناء الثورة. مرة أخرى يتردد صدى السؤال في داخلي كيف انتهى بي الأمر في هذا المكان؟. العبيكان للنشر