فرائد اللآلي من رسائل الغزالي - (معراج السّالكين ومنهاج العارفين)
أبي حامد محمد الغزالي
Verlag: وكالة الصحافة العربية
Beschreibung
حقيقة العروج الصعود علوًا، تقول عرجْتُ في السّلم أعرج. والألفاظ لها وجهان من الدلالة، فوجه في الدلالة على الأشياء الجسمانية كمفهوم السُّلم والعروج. والوجه الثاني الدلالة على معاني الجسمانيات وأرواحها، إِمَّا بطريق وضع اللغة وإمّا بالمجاز والإستعارة. ولَمّا كان السّالك الباحث إلى معرفة باريه تعالى طالبًا للترقي عن ظلمات الجهل وأسفل السافلين من حضيض الجهلة، وكانت البراهين والأدلة الموصلة إلى درجة العلوم شِبْه السَّلم الجسماني الموصل إلى العلو الجسماني، وكانت مفردات البراهين ومقدمات القياس وأجزاؤه مادّة له منها يتألف حاكت أضلاع السلم، فإذا التسمية لا مشاحة فيها أذهى مفيدة قال الله تعالى (ليس له دافع مِن الله ذي المعارج تعرج الملائكة والرّوح إليه). ومَن قام عنده البرهان على اِستحالة جهة للباري تعالى يعرج إليه فيها طلب معنى عقليًا ليحمل اللفظ عليه، وقد ذمّ الله تعالى فرعون في اِعتقاد كون الأسباب والمعارج جسمانية في قوله تعالى (وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحًا لعلّي أبلغ الأسباب) وقال تعالى (وكذلك زيّن لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل) فالأدلة سلاليم الخلق إلى ربّهم، والذهول عنها هو المعبّر عنه بالحُجُبِ.